وتتلاحق مادتهم وتستفحل حربهم وتستمر الأمور بهم. والمهدي من قولهم في حال غرة ولباس أمنة قد فتر لها وأنس بها وسكن إليها. ولولا ما اجتمعت به قلوبهم وبردت عليه جلودهم من المناصبة بالقتال والإضمار للقراع عن داعية ضلال أو شيطان فساد لرهبوا عواقب أخبار الولاة وغب سكون الأمور. فليشدد المهدي وفقه الله أزره لهم ويكتب كتائبه نحوهم وليضع المر على أشد ما يحضره فيهم. وليوقن أنه لا يعطيهم خطة يريد بها صلاحهم إلا كانت دربة إلى فسادهم وقوة على معصيتهم وداعية إلى دعوتهم وسببا لفساد من بحضرته من الجنود. ومن بابه من الوفود. الذين إن أقرهم وتلك العادة وأجراهم على ذلك الأرب. لم يبرح في فتق حادث وخلاف حاضر لا يصلح عليه دين ولا تستقيم به دنيا. وإن طلب تغييره بغير استحكام العادة واستمرار الدربة لم يصل إلى ذلك إلا بالعقوبة المفرطة والمؤونة الشديدة. والرأي للمهدي وفقه الله أن لا يقيل عثرتهم ولا يقبل معذرتهم حتى تطأهم الجيوش وتأخذهم السيوف. ويستحر بهم القتل ويحدق بهم الموت. ويحيط بهم البلاء ويطبق عليهم الذل. فإن فعل المهدي بهم ذلك كان مقطعة لكل عادة سوء فيهم. وهزيمة لكل عادة سوء فيهم. واحتمال المهدي في مؤونة غزوتهم هذه تضع عنه غزوات كثيرة ونفقات عظيمة.
(قال المهدي) : قد قال القوم فاحكم يا أبا الفضل. (فقال