العرب أنه أعظم الخلفاء والملوك عفوا وأشدهم وقعا وأصدقهم صولة. وأنه لا يتعاظمه عفو ولا يتكاءده صفح وإن عظم الذنب وجل الخطب. فالرأي للمهدي وفقه الله أن يحلل عقدهم الغيظ بالرجاء لحسن ثواب الله في العفو عنهم. وأن يذكر أولى حالاتهم وضيعة عيالاتهم برا بهم وتوسعا لهم. فإنهم إخوان دولته وأركان دعوته وأساس حقه الذين بعزتهم يصول وبحجتهم يقول. وإنما مثلهم فيما دخلوا فيه من مساخطه وتعرضوا له من معاصيه وانطووا فيه عن إجابته. ومثله في قلة ما غير ذلك من رأيه فيهم أو نقل عن حاله لهم أو تغير من نعمته بهم كمثل رجلين أخوين متناصرين متوازين أصاب أحدهما خبل عارض ولهو حادث فنهض إلى أخيه بالأذى وتحامل عليه بالمكروه. فلم يزدد أخوه إلا رقة له ولطفا به واحتيالا لمداواة مرضه ومراجعة حاله عطفا عليه وبرا به ومرحمة له. (فقال المهدي) : أما علي فقد كوى سمت الليان. وفض القلوب في أهل خراسان. ولكل نبأ مستقر. فقال: ما ترى يا أبا محمد (يعني موسى ابنه) . (فقال موسى) : أيها المهدي لا تسكن إلا حلاوة ما يجري من القول على ألسنتهم وأنت ترى الدماء تسيل من خلل فعلهم. الحال من القوم ينادي بمضمرة شر وخفية حقد. قد جعلوا المعاذير عليها سترا واتخذوا العلل من دونها حجابا. رجاء أن يدافعوا الأيام بالتأخير والأمور بالتطويل فيكسروا حيل المهدي فيهم ويفنوا جنوده عنهم. حتى يتلاحم

أمرهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015