الناس محمل ذلك على طبيعة جودك وسجية حلمك وإسجاح خليفتك ومعدلة نظرك. فأمنت أن تنسب إلى ضعف وأن يكون ذلك فيما بقي دربة. وإن منعتهم ما طلبوا ولم تجبهم إلى ما سألوا اعتدلت بك وبهم الحال وساويتهم في ميدان الخطاب فما أرب المهدي أن يعمد إلى طائفة من رعيته مقرين بمملكته مذعنين بطاعته لا يخرجون أنفسهم عن قدرته فيملكهم أنفسهم ويخلع نفسه عنهم ويقف على الحيل معهم. ثم يجازيهم السوء في حد المقارعة ومضمار المخاطرة. أيريد المهدي وفقه الله الأموال فلعمري لا ينالها ولا يظفر بها إلا بإنفاق أكثر منها مما يطلب منهم وإضعاف ما يدعي قبلهم. ولو نالها فحملت إليه أو وضعت بخرائها بين يديه ثم تجافى لهم عنها وطال عليهم بها لكان مما إليه وينسب وبه يعرف من الجود الذي طبعه الله عليه وجعل قرة عينه ونهمة نفسه فيه. فإن قال المهدي: هذا رأي مستقيم سديد في أهل الخراج الذين شكوا ظلم عمالنا وتحامل ولاتنا. فأما الجنود الذين نقضوا مواثيق العهود وأنطقوا لسان الإرجاف وفتحوا باب المعصية وكسروا قيد الفتنة فقد ينبغي لهم أن أجعلهم نكالا لغيرهم وعظة لسواهم. فليعلم المهدي أنه لو أتي بهم مغلولين في الحديد مقرنين في الأصفاد ثم اتسع لحقن دمائهم عفوه. ولإقالة عثرتهم صفحه. واستبقاهم لما هم فيه من حزبه أو لمن بإزائهم من عدوه لما كان بدعا من رأيه ولا مستنكرا من نظره. لقد علمت