لمصالح الدول وأنت في الغمد طريح. والمتعب في تمهيدها وأنت غافل مستريح. والساهر وقد مهد لك في الغمد مضجع. والجالس عن يمين الملك وأنت عن يساره فأي الحالتين أرفع. والساعي في تدبير حال القوم. والمفني لنفعهم العمر إذا كان نفعك يوما أو بعض يوم. فاقطع عنك أسباب المفاخرة. واستر أنيابك عند المكاشرة. فما يحسن بالصامت محاورة المفصح. والله يعلم المفسد من المصلح. على أنه لا ينكر لمثلك التصدي. ولا يستغرب منه على مثلي التعدي. ما أنا أول من أطاع البارئ وتجرأت عليه. ومددت يد العدوان إليه. أو لست الذي قيل فيه:

شيخ يرى الصلوات الخمس نافلة ... ويستحل دم الحجاج في الحرم

قد سلبت الرحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء. وجلبت القسوة فكم هيجت سبة حمراء. وأثرت دهماء. وخمشت الوجوه وكيف لا وأنت كالظفر كونا. وقطعت اللذات ولم لا وأنت كالصبح لونا. أين بطشك من حلمي. وجهلك من علمي. وجسمك من جسمي:

شتان ما بين جسم صيغ من ذهب ... وذاك جسمي وجسم صيغ من بهق

أين عينك الزرقاء من عيني الكحيلة. ورؤيتك الشنعاء من رؤيتي الجميلة. أين لون الشيب من لون الشباب. وأين نذير الأعداء من رسول الأحباب. هذا وكم أكلت الأكباد غيظا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015