وخلوا عن الدنيا وما جمعوا بها ... وما فاز منهم غير من هو صابر
وحلوا بدار لا تزاور بينهم ... وأنى لسكان القبور التزاور
فما إن ترى إلا رموسا ثووا بها ... مسطحة تسفي عليها الأعاصير
كم عاينت من عزة وسلطان. وجنود وأعوان. قد تمكن من دنياه. ونال منها مناه. فبنى الحصون والدساكر. وجمع الأعلاق والعساكر:
فما صرفت كف المنية إذ أتت ... مبادرة تهوي إليه الذخائر
ولا دفعت عنه الحصون التي بنى ... وحفت به أنهارها والدساكر
ولا قارعت عنه المنية حيلة ... ولا طمعت في الذب عنه العساكر
يا قوم الحذر الحذر. والبدار البدار. من الدنيا ومكايدها. وما نصبت لكم من مصايدها. وتجلت لكم من زينتها. واستشرفت لكم من بهجتها:
وفي دون ما عينت من فجعاتها ... إلى رفضها داع وبالزهد آمر
فجد ولا تغفل فعيشك بائد ... وأنت إلى دار المنية صائر
ولا تطلب الدنيا فإن طلابها ... وإن نلت منها رغبة لك ضائر
وكيف يحرص عليها لبيب. أو يسر بها أريب. وهو على ثقةٍ من فنائها لا تعجبون ممن ينام وهو يخشى الموت. ولا يرجو الفوت:
ألا لا ولكنا نغر نفوسنا ... وتشغلها اللذات عما تحاذر
وكيف يلذ العيش من هو موقن ... بموقف عدل حيث تبلى السرائر
كأنا نرى أن لا نشور وأننا ... سدى ما لنا بعد الفناء مصاير