الاته. وإنكم أشقى من أظلته السماء. إن شقى بكم العلماء. الناس بأئمتهم. فإن انقادوا بأزمتهم. نجوا بذمتهم. والناس رجلان عالم يرعى. ومتعلم يسعى. والباقون هامل نعام. وراتع أنعام. ويل عال أمر من سافله. وعالم شيء من جاهله. وقد سمعت أن علي بن الحسين كان قائما يعظ الناس ويقول: يا نفس حتام إلى الحياة ركونك. وإلى الدنيا وعمارتها سكونك. أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك. وبمن وارته الأرض من آلافك. ومن فجعت به من إخوانك. ونقل إلى دار البلى من أقرانك:

فهم في بطون الأرض بعد ظهورها ... محاسنهم فيها بوال دواثر

خلت دورهم منهم وأقوت عراصم ... وساقتهم نحو المنايا المقادر

وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها ... وضمتهم تحت التراب الحفائر

كم اختلست أي المنون. من قرون بعد قرون. وكم غيرت ببلاها. وغيبت أكثر الرجال في ثراها:

وأنت على الدنيا مكب منافس ... لخطابها فيها حريص مكاثر

على خطر تمشي وتصبح لاهياً ... أتدري بماذا لو عقلت تخاطر

وإن امرءاً يسعى لدنياه جادهاً ... ويذهل عن أخراه لا شك خاسر

انظر إلى الأمم الخالية. والملوك الفانية. كيف انتسفتهم الأيام. وأفناهم الحمام. فانمحت آثارهم. وبقيت أخبارهم:

فأصبحوا رميما في التراب وأقفرت ... مجالس منهم عطلت ومقاصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015