كم غرت الدنيا من مخلد إليها. وصرعت من مكب عليها. فلم تنعشه من عثرته ولم تقله من صرعته. ولم تداوه من سقمه. ولم تشفه من ألمه:
بلى أوردته بعد عز ورفعة ... موارد سوء ما لهن مصادر
فلما رأى أن لا نجاة وأنه ... هو الموت لا ينجيه منه المؤازر
تندم لو أغناه طول ندامة ... عليه وأبكته الذنوب الكبائر
بكى على ما سلف من خطاياه. وتحسر على ما خلف من دنياه. حيث لم ينفه الاستعبار. ولم ينجه الاعتذار:
أحاطت به أحزانه وهمومه ... وإبليس لما أعجزته المعاذر
فليس له من كربة الموت فارج ... وليس له مما يحاذر ناصر
وقد خسئت فوق المنية نسفه ... ترددها منه اللهى والحناجر
فإلى متى ترفع بآخرتك دنياك. وتركب في ذاك وهواك. إني أراك ضعيف اليقين. يا رافع الدنيا بالدين. أبهذا أمرك الرحمن. أم على هذا دللك القرآن:
تخرب ما يبقى وتعمر فانيا ... فلا ذاك موفور ولا ذاك عامر
فهل لك إن وافاك حتفك بغتة ... ولم تكتسب خيرا لدى الله عاذر
أترضى بأن تقتضي الحياة وتنقضي ... ودينك منقوص ومالك وافر
أيا السادر في غلوائه. السادل ثوب خيلائه. الجامح في