وكم يبقى فيالخلافة. وكان بالمجلس بعض الظرفاء فقال: أنا أعرف من هؤلاء بمقدار عمره وخلافته. فقالوا له: فكم تقول أنه يعيش وكم يملك. قال: مهما أراد الأتراك فلم يبق في المجلس إلا من ضحك. وفي سنة خمس وخمسين ومائتين صار الأتراك إلى المعتز يطلبون أرزاقهم فما طالهم بحقهم. فلما رأوا أنه لا يحصل منه شيء دخل غليه جماعة منهم فجروا برجله إلى باب الحجرة وضربوه بالدبابيس ثم أدخلوه سردابا وجصصوا عليه فمات (للنهراولي)

المهتدي بالله (869) المعتمد على الله (870) المعتضد بالله (892)

ثم ملك بعده المهتدي بالله وهو أبو عبد الله محمد بن الواثق. كان المهتدي من أحسن الخلفاء مذهبا. وأجملهم طريقة وسيرة وظهرهم ورعا وأكثرهم عبادة. كان يتشه بعمر بن عبد العزيز ويقول: إني أستحي أن يكون في بني أمية مثله ولا يكون مثله في بني العباس. وكان يجلس للمظالم فيحكم حكما يرتضيه الناس وكان يتقلل في مأكوله وملبوسه. وكان المهتدي قد أطرح الملاهي وحرم الغناء والشراب ومنع أصحابه من الظلم والتعدي. وكان سبب المهتدي أنه قتل بعض الموالي فشغب عليه الأتراك وهاجوا وأخذوه أسيرا وعذبوه ليخلع نفسه فلم يفعل فقتلوه وهو ابن سبع وثلاثين سنة. ثم ملك بعده المعتمد على الله وكان مستضعفا وكان أخوه الموفق طلحة الناصر هو الغالب على أموره فللمعتمد الخطبة والسكة والتسمي بأمير المؤمنين ولأخيه طلحة الأمر والنهي وقود العساكر ومحاربة الأعداء ومرابطة الثغور وترتيب الوزراء والأمراء. وكان المعتمد مشغولا عن ذلك بلذاته. وفي أيامه خرج أحمد بن طولون وظفر بحلب وأنطاكية وبقية العواصم واستقل بمصر وأخذ خراجها وكان يومئذ عامرة آهلة. ثم توفي المعتمد وكان أسمر ربعة رقيقا مدور الوجه مليح العينين صغير اللحية أسرع إليه الشيب منهمكا على اللهو والمسكرات. ثم ملك بعده المعتضد بن الموفق وكان شهما عاقلا فاضلا حمدت سيرته ولي والدنيا خربا والثغور مهملة. فقام قياما مرضيا حتى عمرت مملكته وكثرت الأموال وضبطت الثغور. وكان قوي السياسة شديدا على أهل الفساد حاسما لمواد أطماع عساكره عن أذى الرعية. وكانت أيامه أيام فتوق وخوارج كثيرين منهم عمرو بن الليث الصفار. كان قد عظم شأنه وفخم أمره واستولى على أكثر بلاد العجم. فآلت عاقبته إلى القيد والأسر والذل. فقام المعتضد في إصلاح المتشعب من مملكته والعدل في رعيته حتى مات. وكان المعتضد سار إلى الموصل قاصدا إلى الأعراب والأكراد فأوقع بهم وقتل منهم وخرج إلى الجزيرة يريد قلعة ماردين وكانت لحمدان فهدمها وظفر بحمدان ملكها. ومات سنة (289) (للفخري)

المكتفي بالله (902) المقتدر بالله (908) القاهر بالله (932)

أخذ للمكتفي أبوه البيعة قبل موته بثلاثة أيام. وكان المكتفي من أفاضل الخلفاء وسيما جميلا بديع الحسن دري اللون معتدل الطول وكان حسن العقيدة كارها لسفك الدماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015