النصرانية وهي أشرف عندهم من قسطنطينية وأنه لم يتعرض أحد إليها منذ كان الإسلام جهز إليها بما لا يماثله أحد من السلاح والآلة والعدد. وجرى بين المسلمين والروم عليها قتال شديد أفضى إلى فتح عمورية. فهدمت وأحرقت بعد أن حاصرها نحو شهرين فقتل من الروم ثلاثين ألفا وأسر ثلاثين ألفا. وفي سنة سبع وعشرين تغير المعتصم على الأفشين بأمر بقتله وتوفي المعتصم سنة 227 وهو أغلظ الخلفاء الذين ألزموا الناس القول بخلق القرآن وجبر علماء الإسلام على ذلك وأذاقهم الهوان وامتحن بذلك أحمد بن حنبل (لأبي الفرج)
ثم ملك بعده ابنه هارون الواثق من أفضل خلفائهم وكان لبيبا فطنا فصيحا شاعرا. وكان يتشبه بالمأمون في حركاته وسكناته. ولما ولي الخلافة أحسن إلى بني عمه الطالبيين وبرهم. ولم يقع في أيامه من الفتوح الكبار والحوادث المشهورة ما يأسر. وفي عهده غزا المسلمون في البحر جزيرة صقلية وفتحوا مدينة مسينة في عهد الملكة ثاودورا. وكانت ملكت بعد توفيل ملك الروم وابنها ميخائيل بن توفيل وهو صبي. ومات الواثق بداء الاستسقاء وكان عمره اثنين وثلاثين سنة. وكان أبيض مليح يعلوه اصفرار حسن اللحن. ثم ولي بعده أخوه جعفر المتوكل على الله وبويع له بالخلافة بسر من رأى. وله من العمر ست وعشرون سنة. فعقد البيعة لبنيه الثلاثة بولاية العهد