الأمين ثيابه وسبح إلى بستان فأدركوه وحملوه إلى طاهر. فبعث إليه جماعة وأمرهم بقتله فاحتزوا رأسه. فأمر طاهر بنصبه فلما رآه الناس سكنت الفتنة. ثم جهزه طاهر إلى المأمون وصحبته خاتم الخلافة. فشكر المأمون الله على ما رزقه من الظفر. (للدميري)
بويع له البيعة العامة في بغداد في سنة ثمان وتسعين ومائة. وكان المأمون من أفاضل الخلفاء وعلمائهم وحكمائهم وحلمائهم. أتم رجال بني عباس حزما وعزما وفراسة وفهما. وكان قد أخذ من العلوم بقسط. وضرب فيها بسهم. وتأدب وتفقه وبرع في فنون التاريخ والأدب والنجوم ولما كبر اعتنى بالفلسفة وعلوم الأول. وهو الذي استخرج كتاب إقليدس وأمر بترجمته وتفصيله. وعقد المجالس في خلافته للمناظرة في الأديان والمقالات. وكان المأمون عظيم العفو جوادا بالمال وكان يقول: لو يعلم الناس ما أجد في العفو من اللذة لتقربوا غلي بالذنوب وكان أبيض مليح الوجه مربوعاً طويل اللحية دينا عارفا بالعلم فيه دهاء وسياسة. وفي أيامه خرج عليه إبراهيم بن المهدي عمه فبايعه بعض بني العباس وخلعوا المأمون فجد المأمون في المسير إلى بغداد فظفر بإبراهيم ولم يؤاخذه وأحسن إليه. ثم صفا الملك بعد ذلك للمأمون وسكنت الفتن