أخف الخلق بلاء وألما الفقراء. وأعظم الناس تعبا وهما وغما هم الملوك والأمراء. فارض بحال فقرك. ولا تتعد طورك. إن هارون الرشيد من أعقل الخلفاء العباسيين وأكملهم رأيا وتدبيرا وفطنة وقوة واتساع مملكة وكثرة خزائن بحيث كان يقول للسحابة: أمطري حيث شئت فإن خراج الأرض التي تمطرين فيها يجيء إلي. ومع ذلك كان أتعبهم خاطرا وأشغلهم قلبا (لأبي الفرج الملطي وغيره بتصرف)

الأمين بن الرشيد (809-813)

انتهى الأمر إليه بعد أبيه. وكان الأمين كثير اللهو واللعب منقطعا إلى ذلك مشتغلا به عن تدبير مملكته. فأقبل ينكث عهد المأمون وسعى بخلعه والبيعة لبنه موسى. فأمر له بالدعاء على المنابر ونهى عن الدعاء للمأمون. وأمر بإبطال ما ضرب المأمون من الدراهم والدنانير بخراسان فنمى الشر بينهما. فجهز المأمون لقتاله طاهر ابن الحسين وهرثمة بن أعين فسارا إليه وحاصراه ببغداد. وتراموا بالمنجانيق وأقام الحصار مدة سنة فتضايق الأمر على الأمين وفارقه أكثر أصحابه. وكتب طاهر إلى وجوه أهل بغداد سرا يعدهم إن أعانوه ويتوعدهم إن لم يدخلوا في طاعته. فأجابوه وصرحوا بخلع الأمين فنجا الأمين بنفسه وركب حراقة أعدها له هرثمة. وكان وعده بالأمان. فلما صار الأمين في الحراقة خرج عليه أصحاب طاهر وكانوا كمنوا له. فرموا الحراقة بالحجارة فانكفأت بمن فيها. فشق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015