أهل فارس ومنشأه بالبصرة. وكان أعلم المتقدمين والمتأخرين بالنحو كان أخذه عن الخليل. ولم يوضع فيه مثل كتابه. قال الجاحظ: أردت الخروج إلى محمد بن عبد الملك ففكرت في شيء أهديه فلم أجد شيئا أشرف من كتاب سيبويه. فقال: والله ما أهديت إلى شيئا أحب إلي منه. وكان يقال بالبصرة: قرأ فلان الكتاب. فيعلم انه كتاب سيبويه. وكان أبو العباس المبرد إذا أراد مريد أن يقرأ عليه كتاب سيبويه يقول له: هل ركبت البحر. تعظيما لكتاب سيبويه واستصعابا لما فيه. وكان أبو عثمان المازني يقول: من أراد أن يعمل كتابا كبيرا في النحو بعد كتاب سيبويه فليستح. ولما ورد سيبويه إلى بغداد من البصرة والكسائي يومئذ يعلم الأمين بن هارون الرشيد فجمع بينهما وتناظرا. وجرى مجلس يطول شرحه. وزعم الكسائي أن العرب تقول: كنت أظن الزنبور أشد لسعا من النحلة فإذا هو إياها فقال سيبويه: ليس المثل كذا بل: فإذا هو هي: وتشاجرا طويلا واتفقا على مراجعة عربي خالص لا يشوب كلامه شيء من كلام أهل الحضر وكان الأمين شديد العناية بالكسائي لكونه معلمه. فاستدعى عربيا وسأله. فقال كما قال سيبويه. فقال له: نريد أن تقول كما قال الكسائي. فقال: إن لساني لا يطاوعني على ذلك فإنه ما يسبق إلا إلى الصواب. فقرروا معه أن شخصا يقول: قال سيبويه كذا. وقال الكسائي كذا. فالصواب مع من منهما. فيقول العربي: مع الكسائي. فقال: هذا يمكن. ثم عقد لهما المجلس واجتمع أئمة هذا الشأن وحضر العربي وقيل له ذلك فقال: الصواب مع الكسائي وهو كلام العرب. فعلم سيبويه أنهم تحاملوا عليه وتعصبوا للكسائي فخرج من بغداد وقد حمل في نفسه لما جرى عليه وقصد فارس فتوفي بشيراز (ملخص عن نزهة الألباء وابن خانكان)
هو أبو عبد الله بن إبراهيم اللواتي الطنجي الملقب بشمس الدين ابن بطوطة. وهو الذي طاف الأرض معتبرا. وطوى الأمصار مختبرا. وباحث فرق الأمم. وسبر سير العرب والعجم. ثم ألقى عصا التسيار بحاضرة فاس العليا وكان مولده بطنجة سنة ثلاث وسبعمائة. وكان خروجه من موطنه عام خمسة وعشرين وسبعمائة وله من العمر اثنتان وعشرون سنة. فأخذ يتقلب في بلاد العراق ومصر والشام واليمن والهند ودخل مدينة دهلي حاضرة ملك الهند وهو السلطان محمد شاه. واتصل بملكها لذلك العهد وهو فيروزجوه. وكان له منه مكان واستعمله بخطة القضاء بمذهب المالكية في عمله. ثم ساح في الأقطار الصينية والتترية وأواسط أفريقية في بلاد السودان وفي الأندلس. ثم انقلب إلى المغرب واتصل بالسلطان أبي عنان من ملوك بني مرين. وكان يحدث عن شأن رحلته وما رأى من العجائب بممالك الأرض. ويأتي من أحواله ما يستغربه السامعون. فغمره أبو عنان من إحسانه الجزيل وامتنانه الحفي الحفيل.