نصره. وقد رأى ما آل إليه أمر ذلك الضمان. وجر بنفسه بموالاة التتار عناء كان عنه في غنى. وأوقع روحه بمظاهرة المغول في حومة السيوف التي تخطفت أولياءه من هنا ومن هنا. واقتحم بنفسه موارد هلاك سلبت رداء الأمن عن منكبيه. واغتر هو وقومه بما زين لهم الشيطان من غروره فنكص على عقبيه. وعاد كيده في نحره. بعد أن تعرض للوقوف بين ناب الأسد وظفره. وهو يعلم أننا مع ذلك نرعى له حقوق طاعة أسلافه التي ماتوا عليها. ونحفظ له خدمة آبائه التي بذلوا نفوسهم ونفائسهم في التوصل إليها. والسيوف الآن مصغية إلى جوابه لتكف إن أبصر سبل الرشاد. أو تتعوض برؤوس حماته وكماته عن الأغماد. إن أصر على العناد والخير يكون (حسن التوسل إلى صناعة الترسل)

ذكر دار الوزير الصاحب بن عباد بأصبهان

جرى الشعراء بحضرة الصاحب بن عباد في ميدان اقتراحه في ذكر الدار التي بناها بأصبهان وانتقل إليها. واقترح على أصحابه وصفها فقال الأستاذ أبو العباس الضي:

دار الوزارة ممدود سرادقها ... ولاحق بذرى الجوزاء لاحقها

والأرض قد واصلت غيظ السماء بها ... فقطرها أدمع تجري سوابقها

تود لو أنها من أرض عرصتها ... وأن أنجمها فيها طوابقها

تفرعت شرفات في مناكبها ... يرتد عنها كليل العين رامقها

مثل العذارى وقد شدت منطقها ... وتوجت بأكاليل مفارقها

دار الأمير التي هذي وزيرتها ... أهدت لها وشحا راقت نمارقها

تزهى بها مثل ما تزهى بسيدنا ... مؤيد الدولة الميمون طارقها

هذي المعالي التي اغتض الزمان بها ... وافتك منسوقة والله ناسقها

إن الغمائم قد آلت معاهدة ... لا زايلتها ولا زالت تعانقها

لا رضها كل ما جادت مواهبها ... وفي ديار أعاديها صواعقها

ومنها قصيدة الشيخ أبي الحسن صاحب البريد أولها:

دار على العز والتأييد مبناها ... وللمكارم والعلياء مغناها

دار تباهي بها الدنيا وساكنها ... طرا وكم كانت الدنيا تمناها

فاليمن أقبل مقرونا بيمناها ... واليسر أصبح مقرونا بيسراها

من فوقها شرفات طال أدناها ... يد الثريا فقل لي كيف اقصاها

كأنها غلمة مصطفة لبست ... بيض الغلائل أمثالا وأشباها

أنظر إلى القبة الخضراء مذهبة ... كأنها الشمس أعطتها محياها

لما بنى الناس في دنياك دورهم ... بنيت في دارك الغراء دنياها

وقال ابن القاسم بن المنجم

هي الدار قد عم الأقاليم نورها ... فلو قددت بغداد كانت تزورها

ولو خيرت دار الخلافة بادرت ... إليها وفيها تاجها وسريرها

لتسعد فيها يوم حان حضورها ... وتشهد دنيا لا يخاف غرورها

فما جملت عين الزمان بمثلها ... ولا خال راءٍ أن يحيء نظيرها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015