في ليلة الجمعة التاسع من جمادى الآخرة أتى عارض فيه ظلمات متكاثفة. وبروق خاطفة. ورياح عاصفة. فقوي أهويتها. واشتد هبوبها. فتدافعت لها أعنة مطلقات. وارتفعت لها صواعق مصعقات. فرجفت لها الجدران واصطفقت. وتلاقت على بعدها واعتنقت. وثار بين السماء والأرض عجاج فقيل: لعل هذه على هذه أطبقت. وتحسب أن جهنم قد سال منها واد. وعدا منها عاد. وزاد عصف الرياح إلى أن انطفأت سرج النجوم. ومزقت أديم السماء ومحت ما فوقه من الرقوم. لا عاصم من الخطف للأبصار. ولا ملجأ من الخطب إلا معاقل الاستغفار. وفر الناس نساء ورجالا. ونفروا من دورهم خفافا وثقالا. لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا. فاعتصموا بالمساجد الجامعة. وأذعنوا للنازلة بأعناق خاضعة. ووجوه عانية. ونفوس عن الأهل والمال سالية. ينظرون من طرف خفي. ويتوقعون أي خطب جلي. قد انقطعت من الحياة علقهم. وغمت عن النجاة طرقهم. ووقعت الفكرة فيما هم عليها قادمون. وقاموا إلى صلاتهم وودوا أن لو كانوا من الذين هم عليها دائمون. إلى أن أذن الله في الركود. وأسعف الهاجدين بالهجود. وأصبح كل يسلم على رفيقه. ويهنيه بسلامة طريقه. ويرى أنه قد بعث بعد النفخة. وأفاق بعد الصيحة والصرخة. وأن الله قد رد له الكرة. وأدبه بعد أن كان يأخذه على الغرة. ووردت الأخبار. بأنها كسرت المراكب في البحار. والأشجار