مذهب الفكر. وأخفى لعمل البر. وأعون على صدقة السر. وأصح لتلاوة الذكر. وأرباب الأمر يختارون الليل على النهار لرياضة النفوس. وسياسة التقدير في دفع الملم. وإمضاء المهم. وإنشاء الكتب ونظم الشعر وتصحيح المعاني. وإظهار الحجج وإصابة غرض الكلام. وتقريبه من الأفهام. وفي الليل تتزاور الأحباب. لا يطرقك فيه خبر قاطع. ولا شغل مانع سأل هشام بن عبد الله خالد بن صفوان: كيف كان سيرك. فقال: بينا أنا أسير ذات ليلة إذ عصفت ريح شديد ظلماؤها. أطبق سماؤها وطبق سحابها. وتغلق ربانها. فبقيت محرنجماً كالأشقر إن تقدم نحر. وأن تأخر عقر. لا أسمع لواطئ همسا. ولا لنابح جرسا. تدلت علي غيومها. توارت عني نجومها. فلا أهتدي بنجم طالع. ولا بعلم لامع. أقطع محجة. وأهبط بحجة. في ديمومة قفر. بعيدة القعر. فالريح تخطفني. والشوك يخبطني. في ريح عاصف. وبرق خاطف. قد أوحشني إكامها. وقطعني سلامها. فبينا أنا كذلك قد ضاقت علي معارجي. وسدت مخارجي. إذ بدا نجم لائح. وبياض واضح. عرجت إلى إكام مجر ذيله فإذا أنا بمصابيحكم هذه فقرت العين. وانكشف الرين فقال هشام: لله درك. ما أحسن وصفك (سر الليال لابن منظور)
ذكر السيوطي عاصفة حدثت سنة ثلاث وتسعين قال: كان