إلى ساعة من النهار. حتى سمعنا خرير الأنهار. ورأينا السيل قد بلغ الزبى. والماء قد غمر لا قيعان ولا ربي. فبادرنا إلى حصن القرية لائذين من السيل بأفنيتها. وعائذين من لا قطر بأبنيتها. وأثوابنا قد صندل كافوريها ماء الوبل. وغلف طرازيها طين الوحل. ونحن نحمد الله تعالى على سلامة الأبدان. وإن فقدنا بياض الأكمام والأردان. فلما سل سيف الصبح من غمد الظلام. وصرف بوالي الصحو عامل الغمام. رأينا صواب الرأي أن نوسع الإقامة بها رفضا. ونتخذ الارتحال عنها فرضا. فما زلنا نطوي الصحاري أرضا فأرضا. غلى أن وافينا المستقر ركضا. فلما نفضنا غبار ذلك المسير. الذي جمعنا في ربقة الأسير. وأفضينا إلى ساحة التيسير. بعد ما أصبنا بالأمر العسير. وتذاكرنا ما لقينا من التعب والمشقة. في قطع ذلك الطريق وطي تلك الشقة. أخذ الأمير السيد القلم فعلق هذه الأبيات ارتجالا:

دهتنا السماء غداة السحاب ... بغيث على افقه مسبل

واشرف أصحابنا من أذاه ... على خطر هائل معضل

فمن لائذ بفناء الجدار ... وآو إلى نفق مهمل

ومن مستجير ينادي الغريق ... هناك ومن صارخ معول

وجادت علينا سماء السقوف ... بدمع من الوجد لم يهمل

كأن حراما لها أن ترى ... يبيساً من الأرض لم يبلل

وأقبل سيل له روعة ... فأدبر كل عن المقبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015