كان غرا. ويلقى من بعده من الأمم وهلم جرا. فهم لديه أحياء وقد تضمنتهم بطون القبور. وعنه غيب وقد جعلتهم الأخبار في عداد الحضور. ولولا التاريخ لجهلت الأنساب. ونسيت الأحساب. ولم يعلم الإنسان أن أصله من تراب. وكذلك لولاه لماتت الدول بموت زعمائها. وعمي على الأواخر حال قدمائها. ولم يحط علما بما تداولته الأرض من حوادث سمائها. ولمكان العناية به لم يخل منه كتاب من كتب الله المنزلة. فمنها ما أتى بأخباره المجملة. ومنها ما أتى بأخباره المفصلة. وقد ورد في التوراة مفردا في سفر من أسفارها. وتضمن تفصيل أحوال الأمم السالفة ومدد أعمارها. وقد كانت العرب على جهلها بالقلم وخطه. والكتاب وضبطه. تصرف إلى التواريخ جمل دواعيها. وتجعل لها أول حظ من مساعيها. فتستغني بحفظ قلوبها. عن حفظ مكتوبها. وتعتاض برقم صدورها. عن رقم سطورها. كل ذلك عناية منها بأخبار أوائلها. وأيام فضائلها. وهل الإنسان إلا ما أسسه ذكره وبناه. وهل البقاء لصورة لحمه ودمه لولا بقاء معناه (لابن الأثير)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015