فضل في أحسابهم وأنسابهم وعقولهم وآدابهم. فليسمع الملك وليغامض عن جفاء إن ظهر من منطقهم. وليكرمني بإكرامهم وتعجيل سراحهم. وقد نسبتهم في أسفل كتابي هذا إلى عشائرهم فخرج القوم في أهبتهم حتى وقفوا بباب كسرى بالمدائن. فدفعوا إليه الكتاب فقرأه وأمر بإنزالهم إلى أن يجلس لهم مجلسا يسمع منهم. فلما أن كان بعد ذلك بأيام أمر مرازبته ووجوه أهل مملكته فحضروا وجلسوا على كراسي عن يمينه وشماله. ثم دعا بهم على الولاء والمراتب التي وصفهم النعمان بها في كتابه. وأقام الترجمان ليؤدي إليه كلامهم فأقام كل منهم خطبة أخذت بمجامع قلب الملك.... فلما انتهوا عن الكلام. قال كسرى: قد فهمت ما نطقت به خطباؤكم وتفنن فيه متكلمكم. ولولا أني أعلم أن الأدب لم يثقف أودكم ولم يحكم أمركم وأنه ليس لكم ملك يجمعكم فتنطقون عنده منطق الرعية الخاضعة الباخعة فنطقتم بما استولى على ألسنتكم وغلب على طباعكم. لم أجز لكم كثيراً مما تكلمتم به وإني لأكره أن أجبه وفودي أو أحنق صدورهم. والذي أحب هو إصلاح مدبركم وتألف شواذكم والإعذار إلى الله فيما بيني وبينكم. وقد قبلت ما كان في منطقكم من صواب وصفحت عما كان فيه من خلل. فانصرفوا إلى ملككم فأحسنوا مؤازرته والتزموا طاعته واردعوا سفهاءكم وأقيموا أودهم. وأحسنوا أدبهم فإن في ذلك صلاح العامة (لابن عبد ربه)