بصفين. ولما استقر الأمر لمعاوية دخل عليه يوما. فقال له معاوية: والله يا أحنف ما أذكر يوم صفين إلا كانت حزازة في قلبي إلى يوم القيامة. فقال له الأحنف: والله يا معاوية أن القلوب التي أبغضاك بها لفي صدورنا. وإن السيوف التي قاتلناك بها لفي أغمادها. وإن تدن من الحرب فترا ندن منك شبرا. وإن تمش إليها نهرول إليك. ثم قام وخرج. وكانت أخت معاوية من وراء حجاب تسمع كلامه فقالت: يا أمير المؤمنين من هذا الذي يتهدد ويتوعد. فقال: هذا الذي إذا غضب غضب لغضبه مائة ألف من بن تميم ولا يدرون لما غضب وأخبر النويري عنه قال: كان معاوية قد كتب إلى عماله أن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار. فكان فيمن أتاه محمد بن عمرو بن حزم من المدينة والأحنف بن قيس في وفد أهل البصرة. ثم أن معاوية قال للضحاك بن قيس الفهري: لما تجتمع الوفود أني متكلم فإذا سكت فكن أنت الذي تدعو إلى بيعة يزيد وتحض عليها. فلما جلس معاوية للناس تكلم فعظم أمر الإسلام وحرمة الخلافة وحقها فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال الضحاك: يا أمير المؤمنين أنه لا بد للناس من وال بعدك فذلك أحقن للدماء وأصلح للدهماء وآمن للسبيل وخير في العاقبة. والأيام عوج كل يوم في شأن ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن هديه. وهو من أفضلنا علماً وحلماً وأبعدنا رأياً. فخوله عهدك واجعله لنا علماً بعدك ومفزعاً نلجأ إليه ونسكن إلى ظله. وتكلم عمرو بن سعيد الأشدق بنحو من ذلك. ثم قام يزيد بن المقنع العذري فقال: هذا أمير المؤمنين (وأشار إلى معاوية) فإن هلك فهذا (وأشار إلى يزيد) ومن أبى فهذا (وأشار إلى سيفه) . فقال معاوية: اجلس فأنت سيد الخطباء. فأذعن من حضر من الوفود. فقال معاوية للأحنف: ما تقول يا أب بحر. فقال: نخافكم أن صدقنا ونخاف الله أن كذبنا. وأنت يا أمير المؤمنين اعلم بزيد في ليله ونهاره وسره وعلانيته ومدخله ومخرجه. فإن كنت تعلمه لله تعالى ولهذه الأمة رضى فلا تشاور فيه. وإن كنت تعلم منه غير ذلك فأنت صائر إلى الآخرة وإنما علينا أن نقول: سمعنا وأطعنا

أحمق من أبي غبشان

إن خزاعة أخذ فيها وت شديد وزعاف عمهم بمكة. فخرجوا منها ونزلوا الظهران. وكان فيهم رجل يقال له حليل بن حبشية وكان صاحب البيت. وكان له بنون وبنت يقال لها حبى وهي امرأة قصي بن كلاب. فمات حليل وكان أوصى ابنته حبى بالحجابة وأشرك معها أبا غبشان الملكاني. فلما رأى قصي بن كلاب أن حليلا قد مات وبنوه غيب والمفتاح في يد امرأته طلب إليها أن تدفع المفتاح إلى ابنها عبد الدار بن قصي وحمل بنيه على ذلك فقال: أطلبوا إلى أمكم حجابة جدكم. ولم يزل بها حتى سلمت له بذلك. وقالت: كيف أصنع بأبي غبشان وهو وصي معي. فقال قصي: أنا أكيفك أمره. فاتفق أن اجتمع أبو غبشان مع قصي في شرب بالطائف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015