وهذا المثل لضبة بن أد. وكان له ابنان سعد وسعيد فخرجا في طلب إبل لهما فرجع سعيد ولم يرجع سعد. فكان ضبة لوا رأى رجلا مقبلا قال: أسعد أم سعيد فذهبت مثلا. ثم أن ضبة بينا هو يسير يوما ومعه الحرث بن كعب في الشهر الحرام فأتى على مكان فقال له الحرث: أترى هذا الموضع فإني لقيت فتى هيئته كذا وكذا فقتلته وأخذت منه هذا السيف. فإذا بصفة سعد. فقال له ضبة: ارني السيف انظر إليه فناوله فعرفه فقال له: إن الحديث شجون. ثم ضربه به حتى قتله. فلامه الناس في ذلك وقالوا: أقتلت في الشهر الحرام. قال: سبق السيف العذل. فذهبت مثلا
عمي رجل من عدوان وكان يفتي في الحج فأقبل معتمرا ومعه ركب حتى نزلوا بعض المنازل في يوم شديد الحر. فقال عمي: من جاءت عليه هذه الساعة من غد وهو حرام لم يقض عمرته فهو حرام إلى قابل. فوثب الناس في الظهيرة يضربون (أي يسيرون) حتى وافوا البيت وبينهم وبينه من ذلك الموضع ليلتان. فضرب مثلا فقيل: أتانا صكة عمي إذا جاء في الهجيرة الحارة. وقيل كان عمي رجلا مغوارا فغزا قوما عند قائم الظهيرة وصكهم صكة شديدة فصار مثلا لكل من جاء في ذلك الوقت
يضرب لمن لا يزيد سنا إلا ازداد نقصانا وجهلا. وفيه يقول بشار بن برد الأعمى:
أبا مخلف ما زلت سباح غمرة ... صغيرا فلما شبت خيمت بالشاطي
كسنور عبد الله بيع بدرهم ... صغيرا فلما شب بيع بقيراط
يضرب لمن يريد أن يتكلم ولكن له ما يحجزه عن الكلام. ولله بعض الشعراء وقد عوتب على قلة كلامه:
قالت الضفدع قولا ... فسرته الحكماء
في فمي ماء وهل ين ... طق من في فيه ماء
هو أبو فخر الضحاك بن قيس التميمي الأحنف من التابعين ومن كلامه: رب غيظ تجرعته مخافة ما هو أشد منه. ومن قوله: كثرة المزاح تذهب بالهيبة. السؤدد كرم الأخلاق وحسن الفعل. الداء اللسان البذي والخلق الردي. وكان الأحنف شهد مع علي بن أبي طالب وقعة