الأشاهب لأنهم كانوا بيض الوجوه. فأما دوسر فأنها كانت أخشن كتائبه وأشدها بطشا ونكاية وكانوا من كل قبائل العرب وأكثرهم من ربيعة. سميت دوسر اشتقاقا من الدسر وهو الطعن بالثقال لثقل وطأتها. قال الشاعر:

ضربت دوسر فيهم ضربة ... أثبتت أوتاد ملك فاستقر

وكان ملك العرب عند رأس كل سنة وذلك أيام الربيع يأتيه وجوه العرب وأصحاب الرهائن وقد صير لهم أكلا عنده وهم ذوو الآكال. فيقيمون عنده أشهرا ويأخذون أكالهم ويبدلون رهائنهم وينصرفون إلى أحيائهم

أبأى ممن جاء برأس خاقان

هذا خاقان ملك من ملوك الترك خرج من ناحية باب الأبواب. وظهر على أرمينية وقتل الجراح بن عبد الله عامل هشام بن عبد الملك عليها. وغلظت نكايته في تلك البلاد. فبعث هشام إليه سعيد بن عمرو الجرشي وكان مسلمة صاحب الجيش فأوقع سعيد بخاقان ففض جمعه واحتز رأسه وبعث به إلى هشام. فعظم أثره في قلوب المسلمين وفخم أمره ففخر بذلك حتى ضرب به المثل

أبصر من زرقاء اليمامة

هي عنزة اليمامة. واليمامة اسمها وبها سمي البلد وهي امرأة من جديس. وذكر الجاحظ أنها كانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام. فلما قتلت جديس طمسا خرج رجل من طسم إلى حسان بن تبع فاستجاشه ورغبه في الغنائم فجهز إليهم جيشا. فلما صاروا من جو على مسيرة ثلاث ليال صعدت الزرقاء فنظرت إلى الجيش. وقد أمروا أن يحمل كل رجل منهم شجرة يستتر بها ليلبسوا عليها. فقالت: يا قوم أتتكم الأشجار أو أتتكم حمير فلم يصدقوها. فقالت على مثال رجز:

أقسم بالله لقد دب الشجر ... أو حمير قد أخذت شيئا بجر

فلم يصدقوها فقالت: بالله لقد أرى رجلا ينهش كتفا أو يخصف النعل فلم يصدقوها. ولم يستعدوا حتى صبهم حسان فاجتاحهم. وكانت أول من اكتحل بالإثمد من العرب

أبلغ من قس

قس بن ساعدة بن حذافة بن زهير بن إياد بن الأيادي أسقف نجران. وكان من حكماء العرب وأعقل من سمع به منهم. وهو أول من كتب من فلان إلى فلان. وأول من أقر بالبعث من غير علم. وأول من قال: إما بعد. وأول من قال: البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. وقد عمر مائة سنة ونيفا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015