أما مررت بعبد ... لعبد حاتم طي
وكان يضرب بجود طي المثل حيث منهم حاتم وأوس بن حارثة. وهما في الجود والكرم على جانب عظيم. وروي أن أوسا وحاتما وفدا على عمر بن هند. فدعا أوسا فقال له: أنت أفضل أم حاتم فقال: أبيت اللعن لو وهبني حاتم وولدي لوهبني في ساعة واحدة. ثم دعا حاتما فقال له: أنت أفضل أم اوس. فقال أبيت اللعن أتعدلني باوس ولأحد ولده أفضل مني. فقال عمرو: ما أدري أيكما أفضل وما منكما الأسيد كريم. ومن محاسن أوس أن النعمان بن المنذر دعا بحلة نفيسة وعنده العرب وفيهم كل سيد كريم وفيهم أوس. فقال أحضروا غدا فأني ملبس هذه الحلة أكرمكم. فحضر القوم إلا أوس. فقيل له: لم تتخلف. فقال إن كان المراد غيري فأجل الأشياء بي أن لا أكون حاضرا وإن كنت المراد فسأطلب. فلما جلس النعمان ولم ير أوسا قال: اذهبوا إلى أوس فقولوا له: أحضر آمنا مما خفت. فحضر وألبس الحلة. فحسدوه قوم من أهله وقالوا البشر بن أبي خازم: اهجه. فهجاه بشر فأغار أوس على أبله واكنسحها وطلبه فجعل بشر لا يستجير حيا من أحياء العرب إلا قالوا له: قد أجرناك من الأنس والجن إلا من أوس. وكان في هجائه إياه ذكر أمه. فما لبث يسيرا حتى أتى به أسيرا. فدخل أوس إلى أمه واستشارها في أمره. فقالت: أرى أن ترد عليه ماله وتعفو عنه وأفعل أنا مثل ذلك فلا يقيك هجاءه إلا مدحه. فأخبره أوس بما قالت أمه. فقال: لا جرم والله لا مدحت غيرك حتى أموت
هذا مثل يضرب لمن يكون خبره خيرا من منظره. وأول من قاله النعمان لشقة ابن ضمرة في خبر طويل. معناه أنه كان يغير على مال النعمان ويطلبه النعمان فلا يقدر عليه إلى أن أمنه وكان يعجبه ما يسمع عنه من الشجاعة والإقدام. فلما رآه استزرى منظره لأنه كان دميم الخلقة فقال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. فقال: أبيت اللعن أن الرجال ليست بجزر وإنما يعيش المرء بأصغريه قلبه ولسانه. فأعجب النعمان كلامه وجعله من خواصه إلى أن مات. ومعيد اسم قبيلة
أي وضح الأمر وبان. قال بعضهم:
ألم تسل الفوارس يوم غول ... نبضلة وهو موتور مشيح
رأوه فازدروه وهو حر ... وينفع أهله الرجل القبيح
ولم يخشوا مصالته عليهم ... وتحت الرغوة اللبن الصريح
يقول رأوني فازدروئي لدمامتي فلما كشفوا عني وجدوا غير ما رأوا ظاهرا