ورفاهيتها نعما أرهقته من نوائبها غما. ولم يمس امروء منها في جناح أمن إلا أصبح منها في قوادم خوف. غرارة غرور ما فيها باقية فان ما عليها لا خير في شيء من زادها إلا التقوى. من أقل منها استكثر مما يؤمنه. ومن استكثر منها لم يدم له. وزال عما قليل عنه استكثر ما يوبقه. كم واثق بها قد فجعته وذي طمأنينة إليها قد صرعته. وكم من احتال بها قد خدعته. وكم ذي أبهة فيها قد صيرته حقيراً وذي نخوة فيها قد ردته ذليلا. وذي تاج قد كبته لليدين والفم. سلطانها دول وعيشها رنق. وعذبها أجاج. وحلوها مر وغذاؤها سمام. وأسبابها زحام وقطافها سلع. حيها بعرض موت وصحيحها بعرض سقم. ومنيعها بعرض اهتضام. مليكها مسلوب وعزيزها مغلوب. وضعيفها وسليمها منكوب. وجارها وجامعها محروب. مع أن من وراء ذلك سكرات الموت وزفراته وهول المطلع والوقوف بين يدي الحكم العدل. ليجزي الذي أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى. ألستم في مساكن من كان منكم أطول أعمارا وأوضح آثارا وأعد عديدا وأكثف جنودا وأعتد عتاداً وأطور عناداً. تعدوا الدنيا أي تعبد وآثروها أي إيثار وظعنوا عنها بالكره والصغار. فهل بلغكم أن الدنيا سمحت لهم بفدية. وأغنت عنهم مما قد أملتهم به بخطب بحيلة. بل أرهقتهم بالفوادح وضعضعتهم بالنوائب وعفرتم للمناخر. وأعانت عليهم ريب المنون وأرهقتهم بالمصائب وقد رأيتم تنكرها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015