الله عهد على البقاء في هذه الدار. كلا والله إنكم منها راحلون ولنعيمها مفارقون أما تعتبرون بمن مضى من الأموات. أما تخافون من العرض على رب السماوات. أما ترون أهوال القيامة وقد تواردت. أما ترون القلوب من الحسد عن بعضها تنافرت. أما ترون الفواحش وقد أصبحت ظاهرة. أما ترون الهمم عن الخيرات قاصرة. أما ترون أن البدع قد كثرت وعمت. أما ترون الفتن غلبت وطمت. أما ترون أن الأمانة قد ذهبت وضاعت. أما ترون الخيانة قد كثرت وشاعت. فكأني بكم وقد طرقكم طارق المنون. وأخذكم بغتة وأنتم لا تشعرون. فتنبهوا رحمكم الله قبل هجوم الموت. وتزودوا الآخرتكم قبل الفوت. قبل العرض على الملك الجبار. قبل كشف الأسرار. قبل يوم القصاص. قبل تعذر الخلاص. قبل دنو الشمس من الرؤوس. قبل هلاك الأرواح والنفوس
يا أيها الرجل (وكلنا ذلك الرجل) ألق إلى سمعك وأعرني لبك فإن كنت لا تدري متى الموت فاعلمن بأنك لا تبقى إلى آخر الدهر أين آدم أبو الأولين والآخرين. أين إبراهيم خليل رب العالمين. أين الأمم الماضية. أين الملوك السالفة أين القرون الخالية. أين الذين نصبت على مفارقهم التيجان. أين الذين اعتزوا بالأجناد والسلطان. أين أصحاب السطوة والولايات. أين الذين خفقت على رؤوسهم الألوية