مواهب الأنس مملؤة. فتهيأت لقبول الأمداد القدسية. واستعدت لورود الأنوار العلوية. واتخذت من الأنفاس العطرة بالأذكار جلاسا. وأقامت على الظاهر والباطن من التقوى حراسا. وأشعلت في ظلم البشرية من اليقين نبراسا. واستحقرت فوائد الدنيا ولذاتها. وأنكرت مصايد الهوى وتبعاتها. وامتطت غوارب الرغبوت والرهبوت. واستفرشت بعلو همتها بساط الملكوت. وامتدت إلى المآل أعناقها. وطمحت إلى اللامع العلوي أحداقها. واتخذت من الملإ الأعلى مسامرا ومحاورا. ومن النور الأغر الأقصى مزاورا ومجاورا. أجساد أرضية بقلوب سماوية وأشباح فرشية. بأرواح عرشية. نفوسهم في منازل الخدمة سيارة. وأرواحهم في فضاء القرب طيارة. مذاهبهم في العبودية مشهورة. وأعلامهم في أقطار الأرض منشورة. يقول الجاهل بهم فقدوا وما فقدوا. ولكن سمت أحوالهم فلم يدركوا. وعلا مقامهم فلم يملكوا. كائنين بالجثمان. بائنين بقلوبهم عن أوطان الحدثان. لأرواحهم حول العرش تطواف. ولقلوبهم من خزائن البر إسعاف. يتنعمون بالخدمة في الدياجر. ويتلذذون من وهج الظمأ بظمأ الهواجر. سلوا بالصلوات عن الشهوات. وتعوضوا بحلاوة التلاوة عن اللذات. يلوح من صفحات وجوههم بشر الوجدان وينم على مكنون سرائرهم نضارة العرفان. لا يزال في كل عصر منهم علامون بالحق. داعون للخلق. منحوا بحسن المتابعة رتبة الدعوة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015