وجالينوس زمانه. ختم به هذا العلم ولم يكن في الماضي من بلغ مداه في الطب. عمر طويلاً. وعاش نبيلاً جليلاً. ورأيته وهو شيخ بهي المنظر حسن الرواء عذب المجتلى والمجتبى لطيف الروح ظريف الشخص بعيد الهم عالي الهمة ذكي الخاطر مصيب الفكر حازم الرأي رأس النصارى وقسيسهم ورئيسهم. وله في النظم كلمات رائقة وحلاوة جنية وغزارة بهية. وذكر في أنموذج الأعيان من شعراء الزمان أن ابن التلميذ المذكور كان متفنناً في العلوم ذا رأي رصين. وعقل متين. طالت خدمته للخلفاء والملوك. وكانت مجالسته أحسن من التبر المسبوك والدر في السلوك. وكان يتعجب في أمره كيف حرم الإسلام مع كمال فهمه وغزارة عقله وعلمه. وكان إذا ترسل استطال وسطا. وإذا نظم وقع بين أرباب النظم وسطا. وكان بينه وبين أوحد الزمان هبة الله الحكيم المشهور تنافس وكان هذا يهودياً فأسلم في أواخر عمره. وأصابه الجذام فعالج نفسه بتسليط الأفاعي على جسده فبالغت في نهشه فبرى من الجذام. فعمل فيه ابن التلميذ شعراً:
لنا صديق يهودي حماقته ... إذا تكلم تبدو فيه من فيه
يتيه والكلب أعلى منه منزلة ... كأنه بعد لم يخرج من التيه
وكان ابن التلميذ متواضعاً وأوحد الزمان أبو البركات متكبراً فعمل فيهما البديع الأسطر لابي شعراً:
أبو الحسن الطبيب ومقتفيه ... أبو البركات في طرفي نقيض