وسائر قبائل ربيعة يستنجدونه وقالوا: قد جل الخطب فلا قرار لنا عليه. وكان البراق معتزلاً عنهم بقومه. فأخذته الغيرة وأنشأ يقول:
لعمري لست أترك آل قومي ... وأرحل عن فنائي أو أسير
أأنزل بينهم إن كان يسر ... وأرحل إن ألم بهم عسير
ثم نادى في قومه وقال: قد علمتم كثرة قبائل طي وشدة بأسهم ونجدتهم فشدوا بنا الخيل وأبدوهم بالغارة. فوضعوا فيهم السيوف وعلت الأصوات وتبادرت إليهم الناس وحملت عليهم كل قبيلة بما يليها. فاعتركوا ساعة وولت طي وقضاعة بعد قتلة مريعة. وأتبعهم البراق. وامتلأت أيديهم من الغنائم وانقادت إليهم العربان. وعظمت منزلة البراق في أعين الناس واستهالوا أمره وأثنوا عليه جميلاً. وكانت وفاته سنة خمسمائة وخمس وعشرين للمسيح.
قال الأصمعي: هو امرؤ القيس بن حجر ابن الحارث من بني كندة صاحب المعلقة المشهورة. وكان من فحول شعراء الطبقة الأولى مقدماً على سائر شعراء الجاهلية. سبق إلى أشياء ابتدعها واستحسنها العرب واتبعته عليها الشعراء. وكان حجر أبو امرئ القيس ملكاً على بني أسد فقتلوه غيلة. قال ابن السكيت: فجاء رسول إلى امرئ القيس فأخبره عن أمر أبيه فقال: الخمر علي واللعب حرام حتى أقتل من بني أسد مائة. وأجز نواصي مائة.
ثم قام امرؤ القيس وكان إذ ذاك غلاماً قد ترعرع يسير في أحياء