وسرحت الأغنام ترعى في ذلك المرعى. وإذا هو بأسد كبير من بطن الوادي ظهر يمشي ويتبختر. أفطس المنخر. يطير من عينيه الشرر. يقلب الوادي إذا همر. بأنياب أحد من النوائب. ومخالب أمر من المصائب. شدوق شدقم. عبوس أدغم. تسمع الرعد إذا همهم ودمدم. يلمع البرق من عينيه إذا أظلم الليل وأعتم. شديد الحيل صعب المراس. عريض الكتف كبير الراس. فلما ظهر من بطن الوادي وشمت الخيل رائحته فرت من هيبته. وكذلك النوق والجمال. شردت في اليمين والشمال. فلما نظر عنتر إلى ذلك الأمر المنكر. نزل إلى الوادي حتى يبصر. والسيف في يده مشهر. وإذا هو بالأسد رابط باسط يديه. وهو يلعب بذنبه ويضرب به جنبيه. والشر يطير من عينيه. فعند ذلك زعق عنتر عليه زعقة دوت بها الجبال. وقال مرحباً بك يا أبا الأشبال. يا كلب الفلا. يا نحس وحوش البيدا. فلقد أبديت بأسك وصولتك. وافتخرت بهمتك وهمهمتك. فلا شك أنك ملك السباع. وسلطانهم المطاع. ولكن عد بالخيبة والإذلال. فما أنا كمن لاقيته من الرجال. أنا مهلك الأبطال. أنا ميتم الأطفال. فأنا لا أرضى أن أقتلك بسنان ولا بحسام. ولا بد أن أسقيك كأس الحمام. ثم إنه ألقى السيف من يده وحمل على السبع وهو ينشد:

يا أيها السبع الهجوم على الردى ... ها قد بقيت معفراً منهوبا

أتريد أموالي تكون مباحة ... ها قد تركتك بالدما مخضوبا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015