البساتين. وقد أتقنه إلى الغاية وأنفق عليه أموالاً طائلة. ووضع في وسط البحيرة قبة من زجاج ملون منقوش بالذهب وجلب الماء على رأس القبة بتدبير أحكمه المهندسون. فكان الماء ينزل من أعلى القبة على جوانبها محيطاً بها ويتصل بعضه ببعض وكانت قبة الزجاج في غلالة مما سكب خلف الزجاج لا يفتر من الجري وتوقد فيها الشموع فيرى لذلك منظر بديع. وتم بناء الزهراء بأربعين سنة (للمقري) .
قال ضياء الدين بن الأثير في وصف مصر: ولقد شاهدت منها بلداً يشهد بفضله على البلاد. ووجدته هو المصر وما عداه فهو السواد. فما رآه راء إلا ملأ عينه وصدره. ولا وصفه واصف إلا علم أنه لم يقدر قدره. وبه من عجائب الآثار ما لا يضبطها العيان فضلاً عن الإخبار. من ذلك الهرمان اللذان هرم الدهر وهما لا يهرمان. قد اختص كل منهما بعظم البناء. وسعة الفناء. وبلغ من الارتفاع غاية لا يبلغها الطير على بعد تحليقه. ولا يدركها الطرف على مدى تحديقه. فإذا أضرم برأسه قبس ظنه المتأمل نجماً. وإذا استدار عليه قوس السماء كان له سهماً. ومن عجائب مصر المقياس الذي يعتبر فيه قدر زيادة فيض النيل كل سنة. وابتداؤه من شهر جونة ومعظم انتهائه أغشت وآخرها أول شهر أكتوبر. والمقياس عمود رخام سمر في موضع ينحصر فيه الماء عند انتهائه إليه. وهو مفصل على اثنتين وعشرين