المأمون: يا عم لقد أمت حقدي بحياة عذرك. وقد عفوت عنك ولم أجرعك مرارة امتنان الشافعين. ثم إن المأمون سجد وقبل الأرض ورفع رأسه وقال لي: يا عم أتدري لماذا سجدت وقبلت الأرض. فقلت: نعم أظنه شكراً لله تعالى الذي أظفرك بعدو دولتك. فقال: ما أردت هذا ولكن سكراً لله تعالى الذي ألهمني العفو عنك فحدثتني الآن حديثك في اختفائك. فشرحت له صورة أمري مع الحجام والجندي وامرأته وما جرى لي مع جارتي. فأمر المأمون بإحضار الجميع. فدعا جاريتي وكانت منتظرة للجائزة. فقال لها: ما حملك على ما فعلت بسيدك. فقالت: الرغبة في المال. فقال لها المأمون: ألك ولد أو زوج. فقالت: لا. فأمر بضربها مائة سوط وخلد سجنها. ثم أحضر الجندي وامرأته والحجام. فسأل الجندي ما حمله على ما فعل. فقال: الرغبة في المال. فقال له المأمون: أنت يجب أن تكون حجاماً لتتعلم الحجامة. ثم طرده من الجندية وأكرم زوجته وأمر فأدخلوها القصر. وقال: هذه امرأة عاقلة تصلح للمهمات. ثم التفت إلى الحجام وقال له: لقد ظهر من مروءتك ما يوجب المبالغة في إكرامك. فسلم له دار الجندي بما فيها وخلع عليه وأعطاه رزق الجندي وأجرى له ألف دينار في كل سنة. فلم يزل في تلك النعمة إلى أن توفاه الله (حديقة الأفراح لليمني) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015