قومي هم قتلوا أميم أخي ... فإذا رميت يصيبني سهمي
(قال) فكشفت عند ذلك المقنعة عن رأسي وكبرت تكبيرة عظيمة فرحاً وقلت: عفا والله أمير المؤمنين. فقال المأمون: لا بأس عليك يا عماه. فقلت: يا أمير المؤمنين ذنبي أعظم من أن أتفوه معه بعذر. وعفوك أعظم من أن أنطق معه بشكر ولكني أقول:
إن الذي خلق المكارم حازها ... في صلب آدم للإمام السابع
ملئت قلوب الناس منك مهابة ... وتظل تكلأهم بقلب خاشع
فعفوت عمن لم يكن عن مثله ... عفو ولم يشفع إليك بشافع
ورحمت أطفالاً كأفراخ القطا ... وحنين والدة بقلب جازع
فقال المأمون: لا تثريب عليك اليوم وقد عفوت عنك ورددت عليك مالك وضياعك بأجمعها. فقبلت الأرض وأنشدت:
رددت مالي ولم تبخل علي به ... وقبل ردك مالي قد حقنت دمي
نأيت منك وقد خولتني نعماً ... هما الحياتان من موت ومن عدم
فلو بذلت دمي أبغي رضاك به ... والمال حتى أسل النعل من قدمي
ما كان ذاك سوى عارية رجعت ... إليك لو لم تعرها كنت لم تلم
فإن جحدتك ما أوليت من نعم ... إني إلى اللوم أولى منك بالكرم
فقال المأموت: إن من الكلام لدراً وهذا منه. ثم خلع علي وقال لي: يا عم إن أبا إسحاق أخي والعباس أشارا علي بقتلك. فقلت له: إنها نصحاك يا أمير المؤمنين ولكنك فعلت بما أنت أهله. فقال