وينال منهم من غير حدهم. حتى إذا أشرق وأشرف سقاه من فوقه الندى. وغذاه من تحته الثرى. فعند ذلك يدر حلابه. ويغني ذبابه. فبينما هي يا أمير المؤمنين درة بيضاء. إذا هي عنبرة سوداء. فإذا هي زبرجدة خضراء. فتعالى الله الفعال لما يشاء. فلما وقف عمر على كلامه قال: لله درك يا ابن العاص لقد وصفت لي مصر حتى كأني شاهدتها.
قيل اشترى رجل دابة من دميرة. فوجد بها عيوباً كثيرة. فحضر إلى القاضي يشتكي حاله. وما أصابه من الغم وناله. فقال له القاضي: ما قصتك وشكواك. وما الذي من الهم والغم دهاك. فقال: أيها القاضي. إني بحكتك راضي. اشتريت من هذا الغريم دابة اشترط لي فيها الصحة والسلامة. فوجدت بها عيوباً أعقبتني ندامة. وقد سألته ردها فأبى. وقال عند رؤيته إياي: لا أهلاً بك ولا مرحباً. فقال القاضي: أبن ما بها من العيوب. وإلا جعلتك على هذه الخشبة مصلوب. فقال: كلها عيوب وذنوب. وهي أيها القاضي أنحس مركوب. وأخس مصحوب. إن ركبتها رقصت. وإن سقتها رقدت. وإن نزلت عنها شردت. تقطع في يديها. وتصك برجليها. حدباء جرباء كباء. لا تقوم حتى تحمل على الخشب. ولا تنام حتى تكبل بالسلب. إن قربت من الجرار كسرتها.