(قال أعرابي يصف قوماً) : هم ليوث غابات. وغيوث جدبات. ما في عهودهم خور. ولا في صفوهم كدر. ولا في خدودهم صعر. ولا في عيونهم خزر. ولا في صدورهم وغر. ولا في حديثهم زور. ولا في قولهم خلف.
روي أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص وهو أمير مصر: أن صف لي مصر. فكتب إليه: أصلح الله الأمير. مصر تربة غبراء. وشجرة خضراء. طولها شهر. وعرضها عشر. يكنفها جبل أغبر. ورمل أعفر. يخط وسطها نهر ميمون الغدوات. مبارك الروحات. يجري بالزيادة والنقصان. كجري الشمس والقمر له أوان. تظهر به عيون الأرض وينابيعها. حتى إذا أصلح عجاجه. وتعظمت أمواجه. لم يكن وصول بعض أهل القرى إلى بعض إلا في خفاف القوارب. وصغار المراكب. فإذا تكاملت تلك كذلك نكص على عقبه كأول من بدأ في شدته وطما في حدته. فعند ذلك يظهر أهل ملة محقورة يخرجون من كل محلة يحرثون بطون أوديته وروابيه. يبذرون الحب. يرجون الثمار من الرب لغيرهم ما سعوا من كسبهم.