وتضاعف نحوله. وتزايد ذبوله. فوصلوا إليه خماصاً. بعدما كن بطاناً. وجئنه فرادى بعد أن فارقن أوطاناً. فلما أن وصلوا إلى جزيرة الملك وجدوا فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين. قم قالوا: نحن لا نريد إلا الملك الذي خرجنا من أجله على المحاجر. وقطعنا إليه كل حاجر. وصبرنا على ظمأ الهواجر. ثم لا نشتغل بالملابس والمفاخر. فو الذي لا إله إلا هو. لا نريد إلا هو. ثم قال لهم الملك: ويحكم لأي شيء جئتم. وبأي شيء أتيتم. قالوا: أتيناك بذلة العبيد. وإنك لتعلم ما نريد. فقال لهم: ارجعوا من حيث جئتم. فأنا الملك شئتم أو أبيتم. وإن الله لغني عنكم. قالوا: سيدي أنت الغني ونحن الفقراء. وأنت العزيز ونحن الأذلاء. وأنت القوي ونحن الضعفاء. فبأي قوة نرجع وقد ذهب قوانا. ونحل عرانا. واضمحل وجودنا مما اعترانا. فقال هم الملك: وعزتي وجلالي إذا صح افتقادكم. وثبت انكساركم. فعلي انجباركم. انطلقوا فداووا العليل. في ظلي الظليل. وقيلوا في خير مقيل. فحصلوا حيث وصلوا. فلما حضروا نظروا. فإذا الحجب قد رفعت. والأحباب قد جمعت. وشاهدوا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت:

يا قلب بشراك أيام الرضا رجعت ... وهذه الدار للأحباب قد جمعت

أما ترى نفحات الحي قد عبقت ... أنفاسها وبروق القرب قد لمعت

فعش هنيئاً بوصل غير منفصل ... مع من تحب وحجب الهجر قد رفعت

وانظر جمال الذي من أجل رؤيته ... قلوب عباده في حبه انصدعت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015