لقد أسمعت لو ناديت حياً ... ولكن لا حياة لمن أنادي
(قال) : فلما كدر علي الغراب وقتي. وحذرني مقتي. انصرفت من حضرتي. إلى خلوة فكرتي. فهتف بي هاتف من سماء فطرتي. أيها السامع منطق الطير. المتأسف على فوات الخير. تالله لو صغت الضمائر. لنفذت البصائر. واهتدى السائر. وما ضل الحائر. ولو طابت الخواطر. لبانت الأمائر. ولو شرحت السرائر. لظهرت البشائر. ولو انشرحت الصدور. لظهر لك النور. ولو ارتفعت الستور. لانكشف المستور. ولو طهرت القلوب. لظهرت سرائر الغيوب. ولو خلعت ثياب الإعجاب. لرفع لك الحجاب. ولو غبت عن عالم العيب. لشاهدت عالم الغيب. ولو قطعت العلائق. لانكشفت لك الحقائق. ولو خالفت العادة. لما انقطعت عنك المادة. ولو تجردت عن الإرادة. لوصلت إلى رتبة السيادة. ولو ملت عن هواك لمال بك إليه. ولو فارقت أباك لجمعك عليه. ولو بعد عنك لوجدت الزلفى لديه. ولكنك مسجون في سجن طبعك. مقيد بقيد مألوفك. متشاغل بشواغل نفسك. متعلق بحبال خيال حسك. قد أزمنتك برودة عزمك وأحرقتك حرارة حرصك. وأثقلتك تخمة بطرك. واستعمتك عفونة رعونتك. وبرسمتك وساوس شهوتك. فأنت بارد الهمة. مقعد العزمة. جامد الفكرة. فاسد الفطرة. كثير