الحيرة. قد انعكس ذوق فهمك. فرأيت الحسن قبيحاً. والقبيح حسناً. ألا ترى إلى الهدهد حين حسنت سيرته. وصت سريرته. كيف نفذت بصيرته. فتراه يشاهد بالنظر. ما تحجبه الأرض عن سائر البشر. فيرى في بطنها الماء الثجاج. كما تراه أنت في الزجاج. ويقول بصحة ذوقه وصدقه: هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج. ويقول: أنا الذي أوتيت مع صغر الجثمان. ما لم يؤته سليمان. فإن كنت ممن يقبل نصحي. فحسن سيرتك. وأصف سريرتك. وطيب أخلاقك. وراقب خلاقك. وتأدب بأحسن الآداب. ولو أنها من الدواب. فإنه من لم يأخذ إشارته من صرير الباب وطنين الذباب. ونبيح الكلاب. وحشرات التراب. ويفهم ما يشير به مسير السحاب. ولمع السراب. وضياء الضباب. فليس من ذوي الألباب.
(قال) : فبينما أنا مستغرق في لذة الخطاب. منصت للجواب. إذ ناداني كلب على الباب. يلقط من المزابل ما يسقط من اللباب. فقال: يا من هو من وراء الحجاب. يا محجوباً عن المسبب بالأسباب. يا مسبلاً ثياب الإعجاب. تأدب بآدابي. فإن فعل الجميل دابي. وسس نفسك بسياستي. واسمع ما أقول لك من فراستي. وما عليك من خساستي. فإني إن كنت في الصورة حقيراً. تجدني في المعنى فقيراً. لا أزال واقفاً على أبواب سادتي. غير راغب في سيادتي. فلا