وتسلسل بي الأنهار. وتلقح الأشجار.
ثم سمعت إشارة الشحارير بأفنانها. والأزاهير في تلون ألوانها. إذ قام الورد يخبر عن طيب وروده. ويعرف بعرفه عن شهوده. ويقول أنا الضيف الوارد بين الشتاء والصيف. أزور زيادة الطيف. فاغتنموا وقتي فالوقت سيف. فأنا الزائر وأنت المزور. والطمع في بقائي زور. ثم من علامة الدهر المكدور. والعيش الممرور. أنني حيث ما نبت دائر الأشواك تزاحمني. وتجاورني. فأنا بين الأدغال مطروح. وبنبال شوكي مجروح. وهذا دمي على ما عندي يلوح. فهذا حالي وأنا أشرف الوراد. وألطف الأوراد. فمن ذا الذي سلم من الأنكاد. ومن صبر على مرارة الدنيا فقد بلغ المراد. فبينما أنا أرفل في حلل النضارة. إذ اقتطفتني أيدي النظارة. فأسلمتني من بين الأزاهير. إلى ضيق القوارير. فيذاب جسدي. وتحرق كبدي. ويمزق جلدي. ويقطر دمعي الندي. فلا يقام بأودي:
فإن غبت جسماً كنت بالروح حاضراً ... فقربي سواء إن تأملت والبعد
وبالله من أضحى من الناس قائلاً ... كأنك ماء الورد إذ ذهب الورد
فلما سمع المرسين كلام الورد. قال قد باح النسيم بسره. ونشر السحاب عقود دره. وتضوع البهار بذخره. وتبهرج الربيع