وسلبوه مملكته العظيمة. وزالت الحشمة. والكلمة والحرمة. وشدوا وثاقه وذهبوا به إلى الحراقة ووضعوه. وقد ربطوه في المركب الذي هيأوه. وأوصلوه إلى ذلك البر من البحر. فما وصل إليه إلا وقد أقبلت خدمه عليه. وتمثلت طوائف الحشم والناس لديه. ودقت البشائر لمقدمه. وحل في سروره المقيم ونعمه. واستمر في أتم سرور. واستقر في أوفر حبور (ملخص عن فاكهة الخلفاء لابن عربشاه) .
لقد أخرجني الفكر يوماً لأنظر ما أحدثته أيدي القدم في الحدث. وأوجدته الحكمة البالغة لا للعبث. فانتهيت إلى روضة قد رق أديمها. وراق نسيمها. ونم طيبها. وغنى عندليبها. وتحركت عيدانها. وتمايلت أغصانها. وتبلبلت بلابلها. وتسلسلت جداولها. وتسرحت أنهارها. وتضوعت أقطارها. وتنمقت أزهارها. وصوت هزارها. فقلت: يا لها من روضة ما أهناها. وخلوة ما أصفاها. فيا ليتني استصحبت صديقاً حميماً. يكون لطيب حضرتي نديماً. فناداني لسان الحال. في الحال. أتريد نديماً أحسن مني. أو مجيباً أفصح مني. وليس في حضرتك شيء إلا وهو ناطق بلسان حاله. مناد على نفسه بدنو ارتحاله. فاسمع له إن كنت من رجاله.