أوقاتنا محدودة. وأنفاسنا معدودة. وساعة تمضي منها غير مردودة. بحيث إذا نقلنا من هذه الأديار. وطرحنا في تلك المهامة والقفار. وجفانا الأصحاب. وتخلى الأخلاء عنا والأحباب. وأنكرنا المعارف والأوداء. واحتوشتنا في تلك البيداء. فنون الداء. نجد ما نستعين به على إقامة الأود. مدة إقامتنا في ذلك البلد. فأجاب بالسمع الطاعة. واختار من البنائين جماعة. وأحضر المراكب. وقطع البحر إلى ذلك الجانب. وجعل الملك يمدهم بالآلات والأدوات. على عدد الأنفاس ومدى الساعات. إلى أن أنهى البناؤون العمارة. وأكملوا حواصل الملك وداره. وأجروا فيها الأنهار. وغرسوا فيها الأشجار. فصارت تأوي إليها الأطيار. ويترنم فيها البلبل والهزار. وغدت من أحسن الأمصار. وبنوا حواليها الضياع والقرى. وزرعوا منها الوهاد والثرى. ثم أرسل إليها ما كان عنده من الخزائن. ونفائس الجواهر والمعادن. وجهز الخدم والحشم. وصنوف الاستعدادات من النعم. فما انقضت مدة ملكه. ودنت أوقات هلكه. إلا ونفسه إلى مدينته تاقت. وروحه إلى مشاهدتها اشتاقت. وهو مستوفز للرحيل. ورابض للنهوض والتحويل. فلما تكامل له في الملك العام. لم يشعر إلا وقد أحاط به الخاص والعام. ممن كان يفديه بروحه. من خادمه ونصوحه. ومن كان سامعاً لكلمته. من أعيان خدمه وحشمه. وقد تجردوا لجذبه من السرير. ونزع ما عليه من لباس الحرير ومشوا على عادتهم القديمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015