لوزير المصلح: فهل اطلع أحد ممن تقدم على عاقبة هذا المأثم. قال: كل عرف ذلك. وتحقق أنه عن قريب هالك. لكن غرور السلطة يلهيه. وسرور التحكم والتسلط يطغيه. وحضور اللذة الحاصلة لسوء العاقبة ينسيه. ولا يفيق من غفلته ويستيقظ من رقدته. إلا وعامه قد مضى. والأجل المضروب قد انقضى. وقد أحاطت به نوازل البلاء. وهجم عليه بوازل القضاء. فيستغيث ولا مغيث. وينادي الخلاص ولات حين مناص. فلما سمع الغلام هذا الكلام. أطرق مفكراً. وبقي متحيراً. وعلم أنه إن لم يتدارك أمره ويتلاف خيره وشره ويتدبر حاله. ومصيره ومآله. هلك هلاك الأبد. ولم يشعر به أحد. فأخذ يفكر في وجه
الخلاص. والتفصي من شرك الاقتناص. ثم قال للوزير الناصح الخبير: أيها الرفيق الشفيق. والنصوح الصديق. جزاك الله خيراً. وكفاك ضيماً وضيراً. إني قد فكرت في شيء ينفع نفسي ويحييها. ويدفع شر هذه البلية التي وقعت فيها. ولم يبق جهة مخلص. من هذا المقنص. إلا طريق واحد. وسبيل غير متعاهد. وهو أن تأخذ طائفة من البنائين وجماعة من المهندسين والنجارين. فتأمرهم أن يبنوا لنا هناك مدينة. ويشيدوا لنا فيها أماكن مكينة. ومخازن وحواصل. وتملأها من الزاد المتواصل. من المآكل الطيبة. والأطعمة والأشربة اللذيذة المستعذبة. ولا تغفل عن الإرسال. ولا تجيز الإمهال والإهمال. في الظهيرة والأسحار والغدو والآصال. إذ