منها أن الخالق الفاعل كيف يشاء هو رب السماوات والأرض، وأنَّ الأسباب لا تأثير لها إلا بمشيئة الله، وأن الله يسبِّب ما شاء من الأسباب، ولو لم تكن بين السَّبَب والمسبَّب مناسبة، وهذا القتيل لو ضرب بالبقرة وهي حية لقال قائل جاهل اكتسب الحياة من حياتها، فالله -جلَّ وعَلا- أمرهم أنْ يذبحوها فتكون ميتة، وأنْ يأخذوا قطعة ميتة منها لا حياة فيها فيضربوا بها هذا القتيل فيحيا، فضربُهُ بهذه القطعة الميتة من هذه البقرة المذبوحة كان سببًا لوجود حياته، وهذا السَّبب لا مناسبة بينه وبين المسبَّب، فدلَّ على أن خالق السماوات والأرض يفعل ما يشاء كيف يشاء، ويرتِّب ما شاء من الأسباب باختياره وقدرته ومشيئته، ولو لم تكن هناك مناسبة بين السَّبَب والمسبَّب.

أخذ مالك -رحمه الله- دون عامَّة العلماء من هذه الآية حكمًا هو أنَّه يُثبت القَسامة بقول المقتول: دَمي عند فلان؛ لأنَّ هذا المقتول لما حيي أخبرهم أن قاتله فلان، وأنَّهم عملوا بقوله، قال مالك: فعملهم بقوله الذي دلَّ عليه القرآن دليلٌ على أنَّ مَنْ قال قتلني فلان أنَّه يعمل بقوله، ومن هنا جَعَلَ قول المقتول إذا أُدرك وبه رَمَقٌ وقيل له مَنْ ضربك؟ فقال لهم: قتلني فلان، أو دمي عند فلان، فهذا لوث عند مالك تُحلف معه أيمان القسامة، ويستحق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015