لأن القتيل ذكر، وقد يكون الذكر يُعَبَّرُ عنه بلفظ المؤنث ليكون التأنيث مراعاةً للفظ، والتذكير مراعاةً للمعنى ومنه في كلام العرب قولُ الشاعر:
أبوكَ خليفةٌ ولدَتْهُ أخرى ... وأنتَ خليفةٌ ذاكَ الكمالُ
فأنَّثَ خليفة، وأطلق عليه لفظ أخرى نظرًا إلى تأنيث لفظه، مع أنه يجوز تذكيره لأنَّهُ رجل، فقلنا لهم: اضربوا القتيل ببعض هذه البقرة، فضربوه ببعضها فحيي، وهذا البعض الذي ضربوه به منها اختلف فيه المفسِّرون منهم مَنْ يقول هو لسانها، ومنهم مَنْ يقول فخذها، ومنهم مَنْ يقول عجب ذنبها، ومنهم مَنْ يقول غضروف أذنها.
والحق أن هذا البعض الذي ضربوه به منها لا دليل عليه ولا جدوى في تعيينه وكثيرًا ما يولع المفسِّرون بالتعيين لأشياء لم يرد فيها دليل من كتاب ولا سنة، ولا جدوى تحت تعيينها، فيتعبون بما لا طائل تحته، كاختلافهم في خشب سفينة نوح من أي شجر هو، وكم كان عرض السفينة وطولها، وكم فيها من الطبقات، وكاختلافهم في الشجرة التي نُهِيَ عنها آدم وحواء أيُّ شجرة هي، وكاختلافهم في كلب أصحاب الكهف ما لونه هل هو أسود أو أصفر، وكثيرًا من هذه الأمور التي يختلفون فيها، ولا طائل