وهنا سؤال: هو أنْ يقال ما المُسَوِّغ في إسناد قَتْلِ هذا القتيل إلى جميعهم في قوله: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ}.
والجواب: أن القرآن نزل بلسان عربيٍّ مبين، ومن أساليب اللغة العربية إسناد الأمر إلى جميع القبيلة إذا فعله واحد منها، ونظيره في القرآن قراءة حمزة والكسائي: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: 191]، لأنَّه ليس من المعقول أمر مَنْ قُتِلَ بالفعل أن يَقْتُلَ قاتله، ولكن إنْ قتلوا بعضكم فليقتلهم البعض الآخر، أسند الفعل إلى الجميع وهو واقع من البعض، وهذا أسلوبٌ معروفُ في لغة العرب، ومنه قول الشاعر:
فإنْ تقتلونا عندَ حَرّةِ واقم ... فإنَّا على الإسلامِ أولُ من قُتِلْ
ونحنُ قتلناكمْ ببدرِ أذلَّةً ... وجئنا بأسلابٍ لنا منكمُ نفلْ
أي تقتلوا بعضنا.
وقوله: {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} أصله فتدارأتم فيها وهو تفاعل من الدَّرء بمعنى الدَّفع، والقاعدة المقرّرة في علم العربية أن تَفاعَل وتفعَّل. مثلًا إذا أريد فيهما الإدغام استبدلت همزة الوصل إذ لم يمكن النطق بالسّاكن؛ لأنَّ العرب لا تبدأ بالساكن.