في سياق الإثبات، والنكرة في سياق الإثبات إطلاقٌ، فلو ذبحوا أيَّ بقرة كانت لصدقت باسم تلك البقرة المطلقة ولأجزأتهم، ولمّا شدَّدوا نَسَخَ اللهُ الاكتفاء ببقرة مجرَّدة أيَّة كانت إلى بقرة موصوفة بصفاتٍ منعوتةٍ بنعوتِ كثيرة شديدة، ومن هنا قال بعض العلماء: هذه من الأدلة على النسخ قبل التمكن من الفعل، وقال بعض العلماء: هذا لا يصلح مثالًا لجواز النسخ قبل التمكن من الفعل؛ لأنَّ هذا حكم زيدت فيه صفات ولم ينسخ ذبح البقرة بالكليَّة بل بقي محكمًا، وإنما زيدت في البقرة صفات، وأجاب القائلون بأنَّه نسخ قالوا: زيادة هذه الصفات تضمَّن نسخًا في الجملة، لأن مضمون النصِّ الأول يدل على أن كل بقرة ذُبِحَتْ كائنة ما كانت ولو مجردة عن تلك الصفات لأجزأت، فوصْفُها بالصفات الجديدة نسخٌ للاكتفاء بأي بقرة كانت.

وعلى كل حال فهذه مسألة أصولية هي مثلًا: هل يجوز النسخ قبل التمكن من الفعل أو لا يجوز؟ والجماهير من العلماء على أنَّه جائز وواقع، ومن أمثلته نسخ خمس وأربعين صلاة ليلة الإسراء بعد أنْ فرضت خمسين، ونُسخ منها خمس وأربعون بينما أُقرت خمسًا، ومن أمثلته قوله جل وعلا في قصة ذبح إبراهيم لولده: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107]؛ لأنَّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015