الألفاظ مع بقاء المعنى، وإنْ بدَّلوا اللفظ بلفظ لا يؤدي معناه ونريد أن يقولوا حطة، فقالوا: حبة في شعرة أو حنطة في شعيرة، فالقول الذي بدَّلوا به ليس معناه معنى القول الذي أُمروا به، فكأنهم رفضوه بتاتًا وعصوا الله، وجاءوا بما لم يؤمروا لا لفظًا ولا معنى، فإن الذي بدلوا به أنهم أُمروا بالسجود فدخلوا يزحفون على أستاههم.
وقوله: {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} الفاء سببية وصيغة الجمع للتعظيم؛ أي: فبسبب تبْدليهم القول الذي قيل لهم بقول غيره والفعل الذي قيل لهم بفعل غيره أنزلنا عليهم، وانَّما أظهر في محل الإضمار، قال: {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} ولم يقل فأنزلنا عليهم؛ ليسجِّل عليهم موجب هذا العذاب وأنه الظلم، ولذا عدل عن الضمير إلى الظاهر قال: {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} ليبين أنَّ هذا الرجز منزل عليهم بسبب ظلمهم، والضمير لا يعطي هذا وإنْ كان معناه يؤدي المعنى في الجملة، وهذا معنى فأنزلنا على الذين ظلموا؛ أي: ظلموا أنفسهم بتبديل القول بقول غيره والفعل بفعل غيره {رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} الرجز: العذاب، وهذا العذاب طاعون أنزله الله عليهم. قال العلماء: أهلك الله به منهم سبعين ألفًا.