المرجحات بين النصوص المتعارضة، فيظن المجتهد أنَّ لفظ الراوي الظاهر الذي بَدّله بلفظ هو أقل منه ظهورًا أنه من لفظ النبي فيرجِّحه بهذا الظهور على حديث آخر، فيكون استناد هذا الترجيح مستندًا لتصرف الراوي، وهذا مما لا ينبغي.
وعلى كلِّ حال فمسألة نقل الحديث بالمعنى مسألة معروفة في الأصول وعلوم الحديث، منعها قومٌ واستدلوا بالحديث أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سمع الرجل قال: "ورسولك الذىِ أرسلت" ردَّ عليه وقال: "ونبيك الذي أرسلت"، ولا شك في أنَّ اللفظ لا يقوم مقامه اللفظ الذي تصرف به الراوي لأنَّ (ونبيك الذي أرسلت) واضحٌ بليغ لا تكْرير فيه؛ لأنَّ النبي قد يكون مرسلا، وقد يكون غير مرسل، والرسول مرسلُ قطعًا فيكون: (ورسولك الذي أرسلت) تكرارًا يعني لأنَّ الذي أرسلت معناه يؤديه: (رسولك)، أما (ونبيك الذي أرسلت) فيكون كلُّ من الكلمتين عمدة وتأسيسًا لا لغوًا، والحاصل أنَّ المعروف أنَّ الجمهور من العلماء على جواز نقل الحديث بالمعنى إذا وثق الراوي أنه لم يزد في معناه ولم ينقص، وأنَّ قومًا منعوا ذلك، وأنَّ الآية لا دليل فيها لذلك البتة، لأنَّهم إنَّما بدَّلوا قولا منافيًا في المعنى ممنوع بإجماع المسلمين، وليس مما فيه الخلاف، إنَّما الخلاف في تبديل