القرية حيث شئتم، "حيث": كلمة تدلُّ على المكان كما تدل "حين" على الزمان ربما ضمنت معنى الشرط، وهي تعمُّ؛ أي: في أيِّ مكان من أمكنة هذه القرية شئتم.
وقوله: {رَغَدًا} نعتٌ لمصدر محذوف؛ أي: أكلًا رغدًا واسعًا لذيذًا لا عناء فيه ولا تعب، وهذا الذي أبيح لهم هنا الذي يظهر أنَّه يدخل فيه ما طلبوه؛ أي: طلبوا نبيهم موسى أنْ يدعو الله لهم أنْ يعطيهم إياه الآتي في قوله: {لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} [البقرة: 61] , الظاهر أن الله لما قال لهم: {اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} وفتح عليهم هذه القرية قال لهم: {ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} [البقرة: 58] , وأنّه يدخل في ذلك ما طلبوه أيام التيه من البقول، والفوم، والعدس وما ذكر معها.
ثم إنَّ الله جلَّ وعلا أمرهم بفعل وقول شُكرًا لنعمة الفتح وهو قوله: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا}؛ أي: ادخلوه حال كونكم سُجَّدًا والسُّجد جمع ساجد، والفاعل إذا كان وصفًا من جموع تكسيره المعروفة جموع الكثرة أنْ يجمع على فُعَّل كساجد وسُجَّد، وراكع ورُكَّع، قال بعض العلماء هو سجود على