وهل كان الفرزدقُ غيرَ قرْدٍ ... أصابتْهُ الصواعقُ فاستدارا

فقوله: أصابته الصواعق ليس معناه أنَّه مات.

والتحقيق أنَّه صعق موتٍ لأنَّه لا أحد أصدق من الله، والله صَرَّحَ أنَّه صعقُ موتٍ في قوله: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} البعث بعد الموت معناه: الإحياء بعد الموت؛ أي: بعد أنْ متم أحياكم الله -عز وجل- إحياء، وعامةُ المفسرين يقولون: إنَّ الزمن الذي مكثوه في هذا الموت أو الغشية على القول الباطل عند مَنْ يزعم أنَّه صعق غشيةٍ لا صعق موت -مدة هذا الصعق الذي في التحقيق أنَّه موت- يومٌ وليلةٌ كما عليه عامة المفسرين إلَّا من شذَّ.

وقوله: {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} جملة حالية، وأصل هذه الجملة فيها إشكال معروف، وهو أنْ يقول طالب العلم: كيف ينظرون أو ينظر بعضهم إلى بعض مع إصابة الصاعقة إياهم؟

وللعلماء عن هذا أجوبة: أظهرها أنّ الصاعقة أصابتهم غير دفعة بل تصيب البعض والبعض ينظر إلى هلاكه، لأنَّ ظاهر القرآن يجب الحمل عليه إلَّا لدليل جازم من كتاب أو سنة، وظاهر القرآن أن هنالك نظرًا لوقوع هذه الصاعقة، وأنَّ الصاعقة وقعت حال نظرهم، ولهذا قال بعض العلماء وهو الأظهر؛ لأنَّه يتمشى مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015