الصاعقة إياهم سببُهُ هذا الافتراء العظيم، وامتناعهم من تصديق نبيهم حتَّى يروا الله عيانًا كما قال جلَّ وعلا: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: 153] , والصَّاعقة تُطلق إطلاقين: تطلق على النَّار المحرقة وعلى الصوت المزعج المهلك، وأكثر إطلاقاتها عليهما معًا: صوت مزعجٌ مشتملٌ على نار مهلكةٍ، وعلى كلِّ حالِ فعلى أنَّهم السبعون المذكورون في الأعراف، فقد بَينَ أنَّ هذه الصاعقة رجفةٌ كما في قوله: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} [الأعراف: 155].

وعلى كل حال فإنَّ هذه الصاعقة سواء قلنا إنَّها نارٌ محرقة، أو صوتٌ مزعجٌ أهلكهم، أو هما معًا: صوتٌ مزعج أرجف بهم الأرض، فالتحقيق أنَّهم ماتوا، وأنَّه صَعْقُ موتٍ كما صرَّح الله بذلك في قوله: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} أماتهم الله عقابًا لمقالتهم هذه الشنعاء، ثم أحياهم بدعاء نبيهم صلى الله عليه وعلى نبينا - صلى الله عليه وسلم -، خلافًا لمن زعم أن صعقهم هذا صعقُ غشيةٍ قائلًا: إنَّ الصعقَ قد يطلقُ على غير الموت، وذكروا منه قول جرير يهجو الفرزدق:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015