المعاصي التي لا تبلغ به الكفر، ومن هذا المعنى قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} الآية [فاطر: 32] ,بدليل قوله في الجميع: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} الآية [فاطر: 33]؛ لأن هذا أطاع الشيطان وعصى ربه؛ فقد وضع الطاعة في غير موضعها كما قال تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [لكهف: 50].
وقوله: {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} عفونا أصله من العفو من عفت الريح الأثر إذا طمسته، فالعفو هو: طمس الله أثر الذنب بتجاوزه حتَّى لا يبقى له أثر يتضرر به العبد، والإشارة في قوله {ذَلِكَ} إلى اتخاذهم العجل إلهًا، وهو ذلك الذنب العظيم، وأشار إليه إشارةَ البعيد؛ لأن مثل ذلك الفعل يجب أنْ يتباعد منه تباعدًا كليًا.
وقوله: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} قال بعض العلماء: يغلب إتيان "لعلَّ" في القرآن مُشمَّةَ معنى التعليل إلَّا التي في الشعراء: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: 129]، وإتيان "لعل" حرف تعليل مسموعٌ في كلام العرب، ومن إتيان لعلَّ للتعليل قول الشَّاعر: